هذا المقال يحوي معلومات شامله و مختصرة عن جماعة التكفير والهجرة وتاريخ تأسيسها وابرز شخصياتها وافكارها ومعتقداتها ومدى نفوذها وانتشارها في انحاء العالم .
● ماهي جماعة التكفير والهجرة ؟
التعريف:
جماعة التكفير والهجرة هي جماعة المسلمين كما سمت نفسها ، أو جماعة التكفير والهجرة كما أطلق عليها اعلاميا .
ويمكننا تعريفها بقول وجيز بأنها جماعة اسلامية غالية نهجت نهج الخوارج في التكفير بالمعصية ، نشأت داخل السجون المصرية في باديء الأمر ، وبعد اطلاق سراح أفرادها ، تبلورت أفكارها ، وكثر أتباعها في صعيد مصر وبين طلبة الجامعات خاصة .
● التأسيس وأبرز الشخصيات:
✔ في اي عام تأسست جماعة التكفير والهجرة ومن هم ابرز شخصياتها ؟
تبلورت أفكار ومباديء جماعة المسلمين التي عرفت بجماعة التكفير والهجرة في السجون المصرية وخاصة بعد اعتقال سنة 1965م التي أعدم اثرها سيد قطب وأخوانه بأوامر جمال عبدالناصر حاكم مصر آنذاك.
لقد رأى المتدينون المسلمون داخل السجون من ألوان العذاب ما تقشعر من ذكره الأبدان ، وسقط الكثير منهم أمامهم شهداء بسبب التعذيب ، دون أن يعبأ بهم القساة الجبارون . في هذا الجو الرهيب ولد الغلو ونبتت فكرة التكفير ووجدت الاستجابة لها.
في سنة 1967م طلب رجال الأمن من جميع الدعاة المعتقلي تأييد رئيس الدولة جمال عبدالناصر فانقسم المعتقلون الى فئات :
- فئة سارعت الى تأييد الرئيس ونظامه بغية الافراج عنهم والعودة الى وظائفهم وزعموا أنهم يتكلمون باسم جميع الدعاة ، وهؤلاء كان منهم العملاء وثبت أنهم طابور خامس داخل الحركة الاسلامية .
- وثمة نوع آخر ليسوا عملاء بالمعنى وانما هم رجال سياسة التحقوا بالدعوة بغية الحصول على مغانم كبيرة.
أما جمهور الدعاة المعتقلين فقد لجأوا الى الصمت ولم يعارضوا أو يؤيدوا باعتبار أنهم في حالة اكراه.
بينما رفضت فئة قليلة من الشباب موقف السلطة وأعلنت كفر رئيس الدولة ونظامه ، بل اعتبروا الذين أيدوا السلطة من إخوانهم مرتدين عن الإسلام ومن لم هم يكفر فهو كافر ، والمجتمع بأفراده كفار لأنهم موالون للحكام وبالتالي لا ينفعهم صوم ولا صلاة . وكان إمام هذه الفئة ومهندس أفكارهم الشيخ علي إسماعيل.
✔ ومن أبرز شخصيات هذه الجماعة والاحداث المرتبطة بهم :
- - اسماعيل علي الشيخ : كان امام هذه الفئة من الشباب داخل المعتقل ، وهو أحد خريجي الأزهر ، وشقيق الشيخ عبد الفتاح اسماعيل أحد الستة الذين تم اعدامهم مع الأستاذ سيد قطب ، وقد صاغ الشيخ علي مباديء العزلة والتكفير لدى الجماعة ضمن أطر شرعية حتى تبدو وكأنها أمور شرعية لها أدلتها من الكتاب والسنة ومن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في الفترتين : المكية والمدنية متأثرا في ذلك بأفكار الخوارج ، الا أنه رجع الى رشده وأعلن براءته من تلك الأفكار التي كان ينادي بها.
- - شكري أحمد مصطفى (أبو سعد) : من مواليد قرية الحوائكه بمحافظة أسيوط 1942 م ، أحد شباب جماعة الأخوان المسلمين الذين اعتقلوا عام 1965م لانتسابهم لجماعة الأخوان المسلمين وكان عمره وقتئذ ثلاثة وعشرون عاما.
- . تولى قيادة الجماعة داخل السجن بعد أن تبرأ من أفكارهم الشيخ علي عبد اسماعيل .
- . في عام 1971م أفرج عنه بعد أن حصل على بكالوريس الزراعة ومن ثم بدأ التحرك في مجال تكوين الهيكل التنظيمي لجماعته . ولذلك تمت مبايعته أميرا للمؤمنين وقائدا لجماعة المسلمين – على حد زعمهم – فعين أمراء للمحافظات والمناطق واستأجر العديد من الشقق كمقار سرية للجماعة بالقاهرة والاسكندرية والجيزة وبعض محافظات الوجه القبلي.
- . في سبتمبر 1973م أمر بخروج أعضاء الجماعة الى المناطق الجبلية واللجوء الى المغارات الواقعة بدائرة أبي قاص بمحافظة المينا بعد أن تصوفوا بالبيع في ممتلكاتهم وزودوا أنفسهم بالمؤن اللازمة والسلاح الأبيض ، تطبيقا لمفاهيمهم الفكرية حول الهجرة.
- . في 26 اكتوبر 1973م اشتبه في أمرهم رجال الأمن المصري فتم القاء القبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة في قضية رقم 618 لسنة 73 أمن دولة عليا.
- . في 21 أبريل 1974م عقب حرب أكتوبر 1973م صدر قرار جمهوري بالعفو عن مصطفى شكري وجماعته ، إلا أنه عاود ممارسة نشاطه مرة أخرى ولكن هذه المرة بصورة مكثفة أكثر من ذي قبل ، حيث عمل على توسيع قاعدة الجماعة ، و إعادة تنظيم صفوفها ، وقد تمكن من ضم أعضاء جدد للجماعة من شتى محافظات مصر ، كما قام بتسفير مجموعات أخرى إلى خارج البلاد بغرض التمويل ، مما مكن لانتشار أفكارهم في أكثر من دولة.
- . هيأ مصطفى شكري لأتباعه بيئة متكاملة من النشاط وشغلهم بالدعوة والعمل والصلوات والدراسة وبذلك عزلهم عن المجتمع إذ أصبح العضو يعتمد على الجماعة في كل احتياجاته، ومن ينحرف من الأعضاء يتعرض لعقاب بدني ، وإذا ترك العضو الجماعة اعتبر كافرا ، حيث اعتبر المجتمع خارج الجماعة كله كافرا . ومن ثم يتم تعقبه وتصفيته جسديا.
- . رغم أن شكري مصطفى كان مستبدا في قراراته ، إلا أن أتباعه كانوا يطيعونه طاعة عمياء بمقتضى عقد البيعة الذي أخذ عليهم في بداية انتسابهم للجماعة.
- وكما هو معلوم وثابت أن هذه الجماعة جوبهت بقوة من قبل السلطات المصرية بخاصة بعد مقتل الشيخ حسن الذهبي وزير الأوقاف المصري السابق ، وبعد مواجهات شديدة بين أعضاء الجماعة والسلطات المصرية تم القبض على المئات من أفراد الجماعة وتقديمهم للمحاكمة في القضية رقم 6 لسنة 1977م التي حكمت بإعدام خمسة من قادات الجماعة على رأسهم شكري مصطفى ، وماهر عبدالعزيز بكري ، وأحكام بالسجن متفاوته على باقي أفراد الجماعة.
- . في 390 مارس صبيحة زيارة السادات للقدس تم تنفيذ حكم الإعدام في شكري مصطفى وإخوانه.
- بعد الضربات القاسية التي تلقتها الجماعة اتخذت طابع السرية في العمل الأمر الذي حافظت به الجماعة على وجودها حتى الآن ولكن وجود غير مؤثر وغير ملحوظ لشدة موجهة تيار الصحوة الاسلامية من أصحاب العقيدة والمنهج السلفي لهم بالحوار والمناظرات سواء كان داخل السجون والمعتقلات أم خارجه ، مما دفع الكثير منهم الى العودة الى رشده والتبرؤ من الجماعة.
- . ماهر عبد العزيز زناتي : (أبو عبدالله) ابن شقيقة شكري مصطفى ونائبه في قيادة الجماعة بمصر وكان يشغل منصب المسؤول الاعلامي للجماعة ، أعدم مع شكري في قضية محمد حسين الذهبي رقم 6 لسنة 1977م . وله كتاب الهجرة.
● الأفكار والمعتقدات:
✔ ماهي افكار ومعتقدات جماعة التكفير والهجره ؟
ان التكفير عنصر أساسي في أفكار ومعتقدات هذه الجماعة.
- - فهم يكفرون كل من ارتكب كبيرة وأصر عليها ولم يتب منها ، وكذلك يكفرون الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله بإطلاق ودون تفصيل ، ويكفرون المحكومين لأنهم رضوا بذلك وتابعوهم أيضا بإطلاق ودون تفصيل ، أما العلماء فيكفرونهم لأنهم لم يكفروا هؤلاء ولا أولئك ،كما يكفرون كل من عرضوا عليه فكرهم فلم يقبله أو قبله ولم ينضم إلى جماعتهم ويبايع إمامهم . أما من انضم إلى جماعتهم ثم تركها فهو مرتد حلال الدم ، وعلى ذلك فالجماعات الإسلامية إذا بلغتها دعوتهم ولم تبايع إمامهم فهي كافرة مارقة من الدين.
- - وكل من أخذ بأقوال الأئمة بالاجماع حتى لو كان اجماع الصحابه أو بالقياس أو بالمصلحه المرسلة أو بالاستحسان ونحوها فهو في نظرهم مشرك كافر.
- - والعصور الاسلامية بعد القرن الرابع الهجري كلها عصور كفر وجاهلية لتقديسها لصنم التقليد المعبود من دون الله تعالى فعلى المسلم أن يعرف الأحكام بأدلتها ولا يجوز لديهم التقليد في أي أمر من أمور الدين.
- - قول الصحابي وفعله ليس بحجة ولو كان من الخلفاء الراشدين.
- - والهجرة هي العنصر الثاني في فكر الجماعة ، ويقصد بها العزلة عن المجتمع الجاهلي ، وعندهم أن كل المجتمعات الحالية مجتمعات جاهلية . والعزلة المعنية عندهم عزلة مكانية وعزلة شعورية ، بحيث تعيش الجماعة في بيئة تتحقق فيها الحياة الاسلامية الحقيقية - برأيهم – كما عاش الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام في الفترة المكية.
- - يجب على المسلمين في هذه المرحلة الحالية من عهد الاستضعاف الاسلامي أن يمارسوا المفاضلة الشعورية لتقوية ولائهم للاسلام من خلال جماعة المسلمين – التكفير والهجرة – وفي الوقت ذاته عليهم أن يكفوا عن الجهاد حتى تكتسب القوة الكافية.
- - لا قيمة عندهم للتاريخ الاسلامي لأن التاريخ هو أحسن القصص الوارد في القرآن الكريم فقط.
- - لا قيمة أيضا لأقوال العلماء المحققين وأمهات كتب التفسير والعقائد لأن كبار علماء الأمة في القديم والحديث - بزعمهم - مرتدون عن الاسلام.
- - قالوا بحجية الكتاب والسنة فقط ولكن كغيرهم من أصحاب البدع الذين اعتقدوا رأيا ثم حملوا ألفاظ القرآن الكريم عليه فما وافق أقوالهم من السنة قبلوه وما خالفها تحايلوا في رده أو رد دلالته.
- - دعوا إلى الأمية لتأويلهم الخاطئ لحديث (نحن أمة أمية ....) فدعوا إلى ترك الكليات ومنع الانتساب للجامعات والمعاهد إسلامية أو غير إسلامية لأنها مؤسسات الطاغوت وتدخل ضمن مساجد الضرار.
- - أطلقوا أن الدعوة لمحو الأمية دعوة يهوديه لشغل الناس بعلوم الكفر عن تعلم الإسلام ، فما العلم إلا ما يتلقونه في حلقاتهم الخاصة.
- - قالوا بترك صلاة الجمعة والجماعة بالمساجد لأن المساجد كلها ضرار وأئمتها كفار الا أربعة مساجد : المسجد الحرام ، والمسجد النبوي ، وقباء ، والمسجد الأقصى .. ولا يصلون فيها أيضا الا اذا كان الامام منهم.
- - يزعمون أن أميرهم شكري مصطفى هو مهدي هذه الأمة المنتظر وأن الله تعالى سيحقق على يد جماعته مالم يحقق على يد محمد صلى الله عليه وسلم من ظهور الاسلام على جميع الأديان.
- - وعليه فان دور الجماعة يبدأ بعد تدمر الأرض بمن عليها بحرب كونية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي تنقرض بسببها الأسلحه الحديثه كالصواريخ والطائرات وغيرها ويعود القتال كما كان في السابق رجل لرجل بالسلاح القديم من سيوف ورماح وحراب.
- - ادعى زعماء الجماعة أنهم بلغوا درجة الامامة ، والاجتهاد المطلق ، وأن لهم أن يخالفوا الأمة كلها وما أجمعت عليه سلفا وخلفا.
- وأهم كتاب كشف عن أسرار دعوتهم وعقيدتهم هو – ذكريات مع جماعة المسلمين – التكفير والهجرة – لأحد أعضاء الجماعة عبدالرحمن أبو الخير الذي تركهم فيما بعد.
● الجذور الفكرية والعقائدية:
✔ ماهي جذور ومصادر معتقدات جماعة التكفير والهجره ؟
ان قضية تكفير المسلمين قديمة ، ولها جذورها في تاريخ الفكر الاسلامي منذ عهد الخوارج . وقد تركت آثارا علمية لعدة أجيال . وقد استيقضت هذه الظاهرة لأسباب عدة ذكرها العلماء ويمكن اجمالها فيما يلي :
- - انتشار الفساد والفسق والالحاد في المجتمعات الاسلامية دونما محاسبة من أحد لا من قبل الحكام ولا من المجتمعات الاسلامية المسحوقة تحت أقدام الطغاة والظالمين.
- - محاربة الحركات الاسلامية الاصلاحية من قبل حكام المسلمين ، وامتلاء السجون بدعاة الاسلام واستخدام أقسى أنواع التعذيب ، مع التلفظ بألفاظ الكفر من قبل المعذبين والسجانين.
- - ظهور وانتشار بعض الكتب الاسلامية التي ألفت في هذه الظروف القاسية وكانت تحمل بذور هذا الفكر ، واحتضان هذا الفكر من هذه الجماعة - التكفير والهجرة – وطبعه بطابع الغلو والعنف.
- - ويعد أساس جميع ما تقدم : ضعف البصيرة بحقيقة الدين والاتجاه الظاهري في فهم النصوص والاسراف في التحريم والتباس المفاهيم وتميع عقيدة ومنهج أهل السنة والجماعة لدى بعض قادة الحركة الاسلامية بالاضافة الى اتباع التشابهات وترك المحكمات وضعف المعرفه بالتاريخ والواقع وسنن الكون والحياة ومنهج أهل السنة والجماعة.
● أماكن الانتشار:
✔ اين تنتشر وتتواجد جماعة التكفير والهجره ؟
انتشرت هذه الجماعة في معظم محافظات مصر وفي منطقة الصعيد على الخصوص ، ولها وجود في بعض الدول العربية مثل اليمن والأردن والجزائر .... وغيرها.
● الخلاصه
يتضح مما سبق:
أن هذه الجماعة هي جماعة غالية أحيت فكر الخوارج بتكفير كل من ارتكب كبيرة وأصر عليها وتكفير الحكام باطلاق ودون تفصيل لأنهم لا يحكمون بشرع الله وتكفير المحكومين لرضاهم بهم بدون تفصيل وتكفير العلماء لعدم تكفيرهم أولئك الحكام . كما أن الهجرة هي العنصر الثاني في تفكير هذه الجماعة ، ويقصد بها اعتزال المجتمع الجاهلي عزلة مكانية وعزلة شعورية ، وتتمثل في اعتزال معابد الجاهلية (ويقصد بها المساجد) ووجوب التوقف والتبين بالنسبة لأحاد المسلمين بالاضافة الى اشاعة مفهوم الحد الأدنى من الاسلام . ولا يخفى مدى مخالفة أفكار ومنهج هذه الجماعة لمنهج أهل السنة والجماعة في مصادر التلقي والاستدلال وقضايا الكفر والايمان وغير ذلك مما سبق بيانه.
0 التعليقات :
إرسال تعليق
ما يتم إدراجه في التعليقات يعبر عن وجهة نظر كاتبه