إن الهدف على هذه الأرض ليست الحياة و ليس الإنسان ، فلقد عاشت بدونهما و ستعيش لاحقاً بدونهما ، أنهما الشرارات المؤقتة لدورانها العنيف .
يرد العقل :
"عيني صافية و خالية من كل أمل ، ترى كل شيء ، ترى الحياة لعبة مجرد عرض يقدمه ممثلو مسرح جسدي الخمس .
أتابع العرض بمتعة و غرابة تفوق الوصف و لكنني لا أملك بساطة القروي لكي أصل إلى يقين و أصعد على المسرح مشاركاً في الكوميديا الدامية .
أنا الحاوي صانع المعجزات الذي يجلس ساكنا عند تقاطع طرق الحواس ، يرى العالم يولد ثم يغيب . يرى الجموع تتحرك و تصيح في دروب اللاجدوى المتعددة الألوان .
أيها القلب . . أيها الفج . . اهدأ و أنصع " لكن القلب ينتفض و يصرخ :
"أنا القروي أقفز على المسرح و أتدخل في مسيرة العالم . لا أزن و لا أقيس و لا أتكيف . أتبع دقاتي العميقة . أسال و أكرر السؤال طارقاً أبواب الهاوية :
من الذي يبذرنا في هذه الأرض من دون إذن طلب منا ؟؟ من الذي يقتلعنا من هذه الأرض دون إذن منا؟؟
أنا مخلوق مؤقت و ضعيف ، مصنوع من الطين والأحلام لكني أدرك أن في داخلي تصطخب كل قوى الكون . أريد لحظة واحدة ، قبل أن تحطمني هذه القوى ، أن أفتح عيني فأراها أمامي ، هذا هو هدفي الوحيد في الحياة .
أريد أن أجد مبرراً لكي أستمر على قيد الحياة ، لكي أتحمل المشهد اليومي المرعب للمرض و القبح و الظلم و الموت .
بدأت من نقطة مظلمة هي الرحم ، و أسير نحو نقطة مظلمة هي القبر ، إحدى القوتين تقذفني من هاوية مظلمة و الأخرى تسحقني ، بلا إنقطاع ، في هاوية مظلمة .
أنا لست ذلك المذنب الذي سقوه النبيذ لكي لا يتلوث عقله ، فأنا أقفز على الممر الواقع بين الهاويتين السحيقتين بذهن صاف و متيقظ .
أكافح لكي أكون قادراً على هز رأسي للرفاق محيياً قبل أن أموت ، و أن أمد يدي لهم مصافحاً ، و لتنحل عقد لساني فألقي عليهم قولاً بليغاً أحدثهم فيه عن تصوري لهذه المسيرة و عن تكهناتي بالاتجاه الذي تسير فيه، و عن مدى حاجتنا جميعاً لضبط إيقاع خطواتنا و قلوبنا على بعضها البعض .
كيف أتوصل إلى شعار إلى كلمة سر متفق عليها كما يفعل المقدمون على تنفيذ مؤامرة ؟ كيف أتوصل إلى قول بسيط أقدمه للرفاق . أجل . . هدف الأرض ليست الحياة و ليس الإنسان ، فلقد عاشت بدونهما و ستعيش لاحقاً بدونهما ، أنهما الشرارات المؤقتة لدورانها العنيف . فلنتحد و نتماسك و لتلحم قلوبنا و نبدع بقدر ما ستستمر هذه الأرض محتفظة بحرارتها فلنبدع عقلاً و قلباً على هذه الأرض و لنعط معنى إنسانياً لكفاح التسامي لما بعد الإنساني .
0 التعليقات :
إرسال تعليق
ما يتم إدراجه في التعليقات يعبر عن وجهة نظر كاتبه